الاستقلال ذكرى وعيد وطن...  كل عام والوطن وقيادته وشعبه بخير

تحتفل المملكة في الخامس والعشرين من أيار من كل عام، بذكرى استقلالها، وهي ذكرى تمثل لحظة فارقة في تاريخ الوطن؛ إذ نالت فيه البلاد حريتها من الانتداب البريطاني عام 1946، وعلى الفور انطلقت مسيرة البناء والتطوير.

ان نقابة العاملين في صناعة الغزل والنسيج والالبسة اذ تبارك للأردن وطنا وقيادة وشعبا حلول ذكرى الاستقلال المجيدة، فإننا نستذكر قصة بناء الدولة الحديثة، وترسيخ مؤسساتها، وتأسيس جيش عربي احترافي، ووضع اللبنات الأولى لدستور يكفل الحريات ويحترم سيادة القانون، ولهذا لم يكن الاستقلال حدث عابر أو توقيع وثيقة رسمية، بل كان ثمرة نضال سياسي متكامل.

اليوم ونحن على مشارف انقضاء ثمانية عقود على الاستقلال، إلا أننا نعرف ان الطريق ما زالت مستمرة، اذ لم يعد الاستقلال مقتصرًا على السيادة الجغرافية أو الرمزية، بل بات يشمل أبعادا اقتصادية، وتنموية، وثقافية، وتحديات اقتصادية وضغوطات إقليمية، وصيانة الاستقلال تقتضي بناء اقتصاد منتج، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي، وتعزيز الاكتفاء في القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والطاقة، ولهذا، فإن رعاية الاستقلال تعني تمكين الشباب، وتشجيع الإبداع، وتحفيز الاستثمار، وبناء الإنسان القادر على النهوض بالدولة نحو مستقبل أكثر استقرارًا.

ان الأردن اثبت من خلال قيادته الحكيمة حرصا على بناء استقلال قوي، وبناء اردن حديث، فمنذ الاستقلال، حمل الملوك الهاشميون على عاتقهم مسؤولية الدفاع عن الأردن وتعزيز استقلاله، سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، وواصل الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، هذا النهج بحكمة وبعد نظر، فقاد البلاد في محيط إقليمي شديد الاضطراب، وحافظ على استقرارها وسط موجات من المتغيرات العنيفة التي عصفت بالمنطقة، وكان لجلالة الملك دور بارز في تعزيز مكانة الأردن دوليًا، والدفاع عن قضاياه في المحافل العالمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تمثل جزءًا أصيلًا من الثوابت الوطنية الأردنية.

ان النقابة تعي ان ذكرى الاستقلال، لا ينبغي أن تكون مجرد يوم للاحتفال وانما فرصة للمراجعة والتقييم، وتجديد العهد تجاه الوطن، فصيانة الاستقلال ليست مهمة الدولة وحدها، بل مسؤولية وطنية جامعة تشمل المواطن، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، فالحفاظ على المكتسبات الوطنية، مسؤولية كل موظف، ومعلم، ومهندس، وعامل ومسؤول.

إن استقلال الأردن ليس صفحة في كتب التاريخ، بل قصة مستمرة تُكتب كل يوم بالجهد والعطاء والإيمان بالمستقبل، وما تحقق منذ عام 1946 حتى اليوم، يدعو للفخر، لكنه في الوقت ذاته يُحمّل الأجيال الجديدة مسؤولية المواصلة والحفاظ عليه، وخاصة في ظل تغيير موازين القوى، والتي افرزت تحديات إقليمية واقتصادية، ولهذا يبقى رهان الأردن على وعي أبنائه، وحكمة قيادته، ووحدة نسيجه المجتمعي، كفيلًا بأن يضمن بقاء راية الاستقلال خفّاقة.